تأثيرات مباشرة وغير مباشرة لفيروس كرونا ستدفع أسعار الذهب للارتفاع

تأثيرات مباشرة وغير مباشرة لفيروس كرونا ستدفع أسعار الذهب للارتفاع

24 فبراير 2020 12:47 م

ارتفعت أسعار الذهب مع بداية تداولات هذا الأسبوع لأعلى مستوياتها منذ شهر يناير عام 2013، ليحقق المعدن الثمين للجلسة الخامسة على التوالي دون توقّف. ولدراسة سبب تدفق السيولة النقدية نحو المعادن الثمينة ومنها الذهب، يجب أن نقوم بالنظر إلى المؤثّرات الرئيسية في أسعار المعدن الأصفر، حيث أن الأسباب الرئيسية في تحرّك أسعار الذهب هي:

  • توقعات أسعار الفائدة للبنوك المركزية حول العالم
  • الصناديق الاستثمارية المتداولة (ETF) والمحافظ المليارية
  • سعر صرف الدولار مقابل العملات
  • طلب الملاذ الآمن ضد التوتّرات السياسية والاقتصادية
  • التضخم
  • المضاربة
  • غيرها ...

ونلاحظ أن تأثير الدولار الأمريكي ليس الأوّل في ترتيب المؤثّرات في أسعار الذهب، حيث يأتي في المرتبة الثالثة، فالمؤثّر الأوّل في تحرّكات أسعار الذهب هو توقعات أسعار الفائدة. ورغم أن البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أكّد بأن أسعار الفائدة الحالية تعتبر مناسبة، إلا أن العديد من البنوك المركزية حول العالم ربما ستقوم بخفض الفائدة، وذلك لمواجهة التباطؤ الاقتصادي العالمي المحتمل حصوله بتأثير من تفشّي فيروس كرونا في الصين.

وقام بنك الشعب الصيني بالفعل بخفض الفائدة، لمواجهة تأثير الفيروس، والتي كان آخرها خفض فائدة اتفاقات إعادة الشراء العكسي 10 نقاط في الثالث من هذا الشهر فبراير، وخفّض سعر فائدة قروض حجمها 200 مليار يوان من 3.25% إلى 3.15%، وخفّض فائدة القروض متوسطة الأجل بمقدار 10 نقاط أساس وتم ضخ سيولة 100 مليار يوان في اتفاقات إعادة الشراء العكسية للمؤسسات المالية.

في نفس الوقت، من المحتمل جداً أن تقوم بنوك مركزية أخرى في العالم بخفض الفائدة، والبنوك التي أسعار فائدتها سلبية بالفعل، أو صفرية، من المرجّح أن تستخدم سياسات غير اعتيادية مثل برامج شراء الأصول وسياسات التيسير النقدي والكمي. حتى الفيدرالي الأمريكي، من غير المحتمل أن يقلّص دعمه لأسواق الريبو، وكل هذا يصب في مصلحة الذهب، إذ أن السياسات التسهيلية داعمة للأسعار.

ويؤثّر فيروس كرونا بشكل كبير في الاقتصاد العالمي، واليوم الإثنين، أبرزت تقارير بأن عدّة دول حول العالم مثل إيطاليا وكوريا تتخذ إجراءات لاحتواء فيروس كرونا، كما أن الفيروس امتد إلى إيران. ووصل عدد المصابين بفيروس كرونا إلى قرابة 80 ألف، ووصل الفيروس إلى 36 دولة حول العالم، ورغم أن الصين لها النصيب الأكبر، إلا أن انتشار الفيروس في العديد من الدول يهدد بانتشار وباء عالمي.

ويطلب المتداولون الذهب أيضاً كملاذ آمن من حالة عدم اليقين الاقتصادية، ورغم أن صندوق النقد الدولي يتوقّع نمواً اقتصادي مقداره 3.3% هذه السنة، إلا أن الشكوك بدأت بالظهور، والعديد من المتابعين يتوقّعون أن ينخفض النمو العالم عن ما كان عليه عام 2019 عند 2.9%، ليكون ركوداً اقتصادي عالمي، إذ أن أي نمو تحت 3.0% يعتبر ركود اقتصادي عالمي.

في الصين، تشير التوقعات لاحتمال تباطؤ الاقتصاد إلى نمو في الناتج المحلي الإجمالي مقداره 5.6%، لكن هذه التوقّعات مبنية على احتواء الفيروس في فترة زمنية قصيرة. لكن كما نرى، استمرار انتشار الفيروس يجعل من قيم ما دون 5% واردة. ومع استمرار تدهور توقعات نمو الاقتصاد العالمي، نجد بأن أسعار الذهب تجد مزيداً من الطلب.

ولوحظ أيضاً تزايد الطلب على صناديق التحوّط والصناديق الاستثمارية المتداولة المدعّمة بالذهب، ومع انخفاض أسواق الأسهم الكبير، لجأت العديد من المحافظ الاستثمارية المليارية لطلب الذهب لتغطية المخاطر. وهنا أيضاً سبب رئيسي وراء ارتفاع الذهب.

وارتفت GraniteShares Gold Trust (BAR) بنسبة 20.6% خلال عام واحد، كدلالة على استمرار الطلب على هذا الصندوق المدعّم بالذهب، وارتفع أيضاً صندوق Aberdeen Standard Physical Swiss Gold Shares ETF (SGOL) بنسبة 20.40% ، كما ارتفع صندوق iShares Gold Trust (IAU) بنسبة 20.3%.

ومع استمرار تفشّي فيروس كرونا، وتدهور توقعات الاقتصاد العالمي، لا يجب استبعاد استمرار ارتفاع أسعار الذهب، فالارتفاع قد يأخذ الأسعار لمستويات فوق 1700 دولار، وعلى ما يبدو حالياً، فقط الأنباء التي تؤكد تباطؤ وتيرة انتشار فيروس كرونا قد تكون قادرة على إبطاء الموجة الصاعدة للذهب.

تجدر الإشارة إلى أننا لا يجب أن نستبعد عمليات جني أرباح بين الحين والآخر بسبب قوّة الدولار (ذو التأثير رقم 3 في قائمة المؤثرات) أو بسبب عمليات جني أرباح من مضاربين (ذات التأثير رقم 6 في قائمة المؤثرات). لكن بشكل عام، توقّف الاتجاه الصاعد للذهب بشكل كامل يتطلّب تعافي للاقتصاد العالمي، أو على الأقل، تأكيد توقّف التسارع في انتشار فيروس كرونا.

التأثيرات المباشرة التي تدفع أسعار الذهب للارتفاع تتمثّل في طلبات الملاذ الآمن، وتوقعات البنوك المركزية. لكن، التأثيرات غير المباشرة التي ستظهر لاحقاً، وهي تباطؤ اقتصادي عالمي قوي، بدأت بتقديم دعم كبير لأسعار الذهب.

يمكن للاسعار أعلاه ان تكون متأخرة بخمسة ثواني و تخضع لشروط و أحكام الموقع. الأسعار أعلاه إرشادية فقط