ما هو مستقبل أسعار النفط، وهل سنرى الأسعار تعوّض كامل انخفاض هذه السنة؟

ما هو مستقبل أسعار النفط، وهل سنرى الأسعار تعوّض كامل انخفاض هذه السنة؟

8 يونيو 2020 04:05 م

انخفضت أسعار النفط خلال هذه السنة بشكل حاد، وشهدنا انخفاض أسعار النفط الأمريكي الخفيف من مستويات فوق الـ60 دولار، حتى أننا شهدنا وصول الأسعار لمستويات السالب لأوّل مرّة بالتاريخ، عندما وصلت الأسعار لمستويات -37 دولار للبرميل الواحد. عندما انخفضت الأسعار للسالب، كان على البائعين دفع علاوات للمشترين، وذلك بعدما ارتفعت المخزونات العالمية وأصبحت تكاليف تخزين النفط مرتفعة جداً، خصوصاً في نقطة التسليم "كاشينج" في الولايات المتحدّة الأمريكية. وحصل الانخفاض الحاد والكبير مع اندلاع حرب الأسعار بين أوبك ومنتجين آخرين، على رأسهم روسيا.

لكن، عادت منظّمة أوبك للاتفاق مع المنتجين في العالم، وتم خفض الإنتاج بواقع 9.7 مليون برميل، وأعلنت لاحقاً السعودية بأنها ستخفّض الإنتاج بمليون برميل إضافي، تبعتها كل من الإمارات العربية المتحدّة وكذلك الكويت، في خفض للإنتاج بلغ مجموعة للدول الثلاث 1.18 مليون برميل، ليصل مقدار الخفض المعلن رسمياً إلى 10.88 مليون برميل.

كما قلّصت الشركات الأمريكية إنتاجها النفطي بفعل انخفاض الأسعار وانخفاض الطلب على النفط خلال شهر أبريل ومايو، لينخفض عدد الحفّارات بأكثر من 60%، وهذا كلّه أيضاً صب في مصلحة خفض الإنتاج، لتصل تقديرات خفض النفط عالمياً بين 12 و15 مليون برميل يومياً.

وتوقّعت وكالة الطاقة الدولية بأن ينخفض الطلب العالمي على النفط لمستويات حول 84 مليون برميل يومياً، من مستويات فاقت قليلاً الـ100 مليون برميل يومياً العام الماضي، وهذا الانخفاض يمثّل قرابة الـ16% من الطلب العالمي على النفط. لكن مع انخفاض الإنتاج بنسبة تتراوح بين 12% و15% من الدول المنتجة، توقّف الانخفاض الحاد على أسعار النفط وعادت لتشهد ارتفاعاً وتعوّض جزءاً كبيراً من خسائرها.

بعد ذلك، تم إعادة فتح الاقتصاد بشكل تدريجي خلال الشهر الماضي مايو، وعاد الطلب العالمي على النفط للتحسّن قليلاً. لكن، المفاجأة كانت بارتفاع الطلب الصيني القياسي على النفط، وتعتبر الصين المستورد الأكبر للنفط بالعالم، حيث ارتفعت الواردات الصينية. وقفزت واردات الصين من النفط الخام 19.2 % في مايو عنها قبل عام، لتصل إلى أعلى مستوى شهري لها على الإطلاق، مما دفع أسعار النفط الأمريكي الخفيف لمستويات فوق الـ40 دولار خلال تداولات بداية هذا الأسبوع في الـ8 من شهر يونيو الجاري 2020.

وقال وزير الطاقة السعودي خلال مؤتمر صحفي إن العراق تعهد بخفض إنتاجه النفطي على نحو أعمق من حصته في إطار منظمة أوبك بين يوليو وسبتمبر، كما أن وزير الطاقة الروسي قال بأن اتفاق أوبك+ لخفض إنتاج الخام حجب نحو تسعة ملايين برميل من النفط يوميا عن السوق العالمية. إلى جانب ذلك، قالت وزارة النفط النرويجية إن النرويج، أكبر منتج للنفط في غرب أوروبا، لا تعتزم تغيير خططها الحالية لخفض الإنتاج، وذلك عقب اتفاق مجموعة أوبك+ على تمديد تقليص غير مسبوق حتى نهاية يوليو، لكن هذا يدل على التزام بخفض الإنتاج من منظّمة أوبك+ أيضاً.

لكن ما قلّص قوى الارتفاع لأسعار النفط وأعادها لبعض الانخفاض، هو تصريح لوزير الطاقة السعودي أشار فيه إلى إن السعودية وحلفاءها الخليجيين لا يعتزمون تمديد أجل تخفيضات طوعية على إنتاج النفط لشهر يوليو.

من ناحية أخرى، يجب أن نبدأ بقياس ارتفاع الاستهلاك النفط العالمي مع إعادة فتح الاقتصاد، فلقد انخفض الطلب العالمي على النفط بحوالي 30%، أي ما يقارب الـ30 مليون برميل يومياً خلال شهر أبريل الماضي، لكن مع إعادة فتح الاقتصاد، نلاحظ زيادة في الطلب العالمي، ارتكز على الصين، وكذلك عدّة دول أخرى تشهد ارتفاعاً بالطلب.

لننظر الآن إلى المخزون التجاري الأمريكي من النفط، والصورة أدناه توضّح التغيّر في زيادة المخزون وانخفاضه في الولايات المتحدّة:

سوف نلاحظ جلياً بأن ارتفاعات المخزون الحادة في الولايات المتحدّة الأمريكية كانت خلال شهر أبريل الماضي، ثم جاء شهر مايو ليظهر لنا بأن هنالك انخفاض في تراكمات المخزون، بل شهدنا انخفاض المخزون لثلاث أسابيع، كدلالة على عودة الطلب المحلي على النفط مع إعادة فتح الاقتصاد.

و أظهرت حقائق نشرتها وكالة رويترز أن مؤسسة النفط الهندية، أكبر شركة تكرير في البلاد، تسعى لشراء ما يصل إلى 24 مليون برميل من الخام الأمريكي للتسليم بين أكتوبر 2020 ومارس 2021، مما يعني بأن الطلب على النفط الأمريكي قد يزداد أيضاً، مما يرجّح مزيداً من الانخفاض في المخزون.

وتشير التوقعات الحالية بأن أسعار النفط من المرجّح أن لا تشهد انخفاضات هائلة كما حصل سابقاً، بل ربما نرى امتداداً في الاتجاه الصاعد. لكن صدر تحذير من مورجان ستانلي، تم الإشارة فيه إلى أن أسعار النفط صعدت بسرعة لمعدلات تثير مخاطر حدوث هبوط نظرا لهشاشة وضع الطلب وذلك بعد أن بلغ الخام القياسي أعلى سعر له في ثلاثة أشهر.

لذلك، لا يجب أن نستبعد موجات هابطة ملموسة بين الحين والآخر، وهنالك موضوع مهم آخر هو أن ارتفاع أسعار النفط لو حصل بشكل مستمر، فسيكون ذلك مضّراً جداً للاقتصاد العالمي، فالعادات الاستهلاكي اختلفت بالفعل، ولو صعدت أسعار النفط بشكل سريع واستمر هذا الارتفاع، ربما يكون ذلك للحد من قدرة المستهلكين على الإنفاق في المواد الاستهلاكية الأخرى، ليهدد بذلك أيضاً النمو العالمي.

فارتفاع أسعار النفط من غير المرجّح أن يستمر لفترة كبيرة يغطّي من خلالها كامل الانخفاض، أي أن تعود الأسعار فوق الـ60 دولار للبرميل، إذ أن ذلك من شأنه أن يكون مدمّراً لتوقعات النمو الاقتصادية العالمية. لكن، ربما تصعد الأسعار لاحقاً لمستويات قريبة من الـ60 دولار، ربما عندما يعود الاقتصاد العالمي للاستقرار والنمو بشكله المعتاد، ويخرج من آثار أزمة الركود الاقتصادي الأسوأ منذ الكساد العظيم.

بحسب توقعات منظمة الطاقة الدولية، من المحتمل أن ينخفض طلب النفط العالمي إلى 84.3 مليون برميل كمتوسط يومي خلال هذه السنة:

أي أن رغم التعافي الاقتصادي العالمي خلال النصف الثاني، من غير المحتمل أن تعوّض أسعار النفط الخسائر التي تكبّدتها خلال سابقاً بشكل كامل. لكن مع ذلك، التعويض في الأسعار ربما يكون متاحاً، وربما لن نشهد انهيارات جديدة بأسعار النفط كالتي حصلت خلال شهر أبريل الماضي، رغم عدم استبعاد بعض الانخفاض بين الحين والآخر كحركة طبيعية للأسعار.

الأوسمة:

يمكن للاسعار أعلاه ان تكون متأخرة بخمسة ثواني و تخضع لشروط و أحكام الموقع. الأسعار أعلاه إرشادية فقط