بعد المفاجآت التي شهدناها الأسبوع الماضي، ماذا يخفي هذا الأسبوع للمتداولين؟

بعد المفاجآت التي شهدناها الأسبوع الماضي، ماذا يخفي هذا الأسبوع للمتداولين؟

7 يونيو 2020 11:52 ص

شهدنا خلال الأسبوع الماضي عدّة مفاجآت اقتصادية هامة، كان من ضمنها قيام البنك المركزي الأوروبي برفع قيمة برنامج شراء الجائحة بمقدار 600 مليار يورو، إلى جانب تمديد تمديده حتى يونيو 2021. إلى جانب ذلك، قدّمت لنا بيانات الوظائف الأمريكية الجمعة الماضي مفاجأة من العيار الثقيل، لتظهر لنا انخفاض غير متوقّع أبداً في معدّل البطالة من مستوى 14.7% إلى 13.3%، بعدما حصل 2.509 أمريكي على وظائف جديدة في القطاعات الغير زراعية. وانتعشت الأسواق المالية وارتفعت أسواق الأسهم بقوّة، كما انخفضت أسعار الذهب، وشهد الدولار تداولات باتجاه هابط على مدى الأسبوع، لكنه عاد للارتفاع يوم الجمعة. لكن، ماذا يخفي لنا هذا الأسبوع من مفاجآت للمتداولين مع انتظارنا لبيانات اقتصادية عديدة، وكيف ستؤثر البيانات الاقتصادية على الأسواق؟

خلال عطلة نهاية الأسبوع، اتفقت أوبك وروسيا وحلفاؤهما يوم السبت على تمديد تخفيضات غير مسبوقة في إنتاج النفط حتى نهاية شهر يوليو، مع توجّه المنتجين لمحاولة دفع الأسعار للارتفاع والحفاظ على استقرار أسعار النفط. لكن، هنالك بعض التساؤلات حول خفض الإنتاج الذي أقرّته السعودية والإمارات والكويت والذي بلغ مقداره 1.18 مليون برميل يومياً، وكان هذا الخفض الإضافي طوعي، عمّا إذا كان سوف يستمر أم أن تلك الدول ستعود للإنتاج بحسب الاتفاق في أوبك+.

وفي أسواق الطاقة، ظهرت بيانات مفاجئة أخرى من الصين، حيث أظهرت بيانات من الإدارة العامة للجمارك الصينية يوم الأحد أن أكبر مستورد للنفط الخام في العالم اشترى 47.969 مليون طن من النفط، بما يعادل 11.296 مليون برميل يوميا، بحسب ما ورد في رويترز وحسابات الوكالة. وبذلك، تكون الواردات قد ارتفعت 19.2 % في مايو أيار عنها قبل عام، لتصل إلى أعلى مستوى شهري لها على الإطلاق.

ولم تخلو عطلة نهاية الأسبوع من مفاجآت للمتداولين خارج أسواق الطاقة، حيث أعلنت الصين عن بيانات الميزان التجاري للشهر الماضي مايو، لتظهر فائضاً مقداره 443 مليار بفارق كبير عن الفائض التجاري المتوقّع عند 283 مليار، وبقيمة الدولار، ارتفع الفائض إلى 62.9 مليار دولار أمريكي.

لكن، بيانات الميزان التجاري الصينية لا تعتبر إيجابية حقّاً، فقد أظهرت بيانات الجمارك أن الصادرات تراجعت 3.3 % مقارنة بها قبل عام، بعدما سجلت زيادة مفاجئة في أبريل نيسان بلغت 3.5 %. لكن الواردات هوت 16.7 % مقارنة بها قبل سنة، وهذا يظهر سبب ارتفاع الفائض التجاري، وأنه يخفي في طيّاته ضعفاً اقتصادي عالمي كبير، مع استمرار الضعف المحلي الشديد في الصين.

وارتفعت احتياطيات الصين من النقد الأجنبي على غير المتوقع بسبب تغيرات في أسعار الأصول، رغم تراجع اليوان بفعل المخاوف حيال تصاعد في التوترات الصينية الأمريكية، وزاد احتياطي النقد الأجنبي الصيني الذي يعتبر الأكبر في العالم، بمقدار 10.233 مليار دولار في مايو إلى 3.102 تريليون دولار، حسبما أظهرته بيانات صدرت من بنك الشعب الصيني يوم الأحد.

وننتظر يوم الإثنين تصريحات من رئيسة البنك المركزي الأوروبي "كريستين لاجارد"، حيث ستقدّم شهادتها في جلسة استماع افتراضية أمام لجنة الشؤون الاقتصادية والنقدية بالبرلمان الأوروبي. وسننتظر أي إشارات من محافظة المركزي عن توجهات البنك خلال الفترة المقبلة، بعدما قام بتثبيت الفائدة عند 0.00%، وترك فائدة الإيداع في السالب عند -0.5% وفائدة الإقراض عند 0.25%.

يوم الثلاثاء سنتوقف مع اجتماعات وزراء المالية الأوروبيين، في اجتماع ECOFIN، والذي من المرجّح جداً أن يتم خلاله مناقشة برامج تحفيزية للاقتصاد في ظل انتشار فيروس كورونا الذي أدخل اقتصاد أوروبا في أسوأ ركود له عبر التاريخ، والدول الأوروبية لم تشهد مثيلاً للركود الذي يشهد الاقتصاد حالياً منذ الحرب العالمية الثانية.

أما يوم الأربعاء، سيكون موعد إصدار الفيدرالي الأمريكي لقرار الفائدة، والذي من المحتمل فيه أن يحافظ على سعر الفائدة عند مستواها القياسي المتدني بين 0.00% و0.25%، لكن سنراقب أي تطورات في توقعات الفيدرالي للاقتصاد الأمريكي، خصوصاً بعد مفاجأة بيانات الوظائف التي صدرت يوم الجمعة الماضي. وسنراقب أيضاً أي إشارات عن برامج شراء الأصول والتحفيزات المالية والنقدية التي يقدّمها الفيدرالي، إلى جانب أي ملامح تذكر عن أسواق فائدة التبادل "ريبو".

وننتقل مرّة أخرى يوم الخميس إلى أوروبا، مع اجتماعات مجموعة اليورو، والذي سيعقد بحضور قادة الدول في المجموعة، وسيتم خلاله مناقشة الأعمال المشتركة في المجموعة لمحاولة تحفيز الاقتصاد المثقل بجائحة كورونا. فيما يوم الجمعة، سيكون يوم بريطانيا، التي ستصدر بيانات الناتج المحلي الإجمالي وكذلك عدّة بيانات اقتصادية مهمة، لنرى هل فعلاً يتعمّق الاقتصاد في ركوده الأسوأ منذ أكثر من 300 عام، أم ستظهر مفاجآت جديدة كما حصل في بيانات الولايات المتحدّة الأمريكية.

في النتيجة، سنكون أمام أسبوع مهم جداً للأسواق المالية، كما أنه سيكون أسبوع سيتم من خلاله تحديد توقعات النصف الثاني لهذه السنة بالنسبة للاقتصاد العالمي. الآمال تتوجّه حالياً نحو توقعات أن نرى تعافي اقتصادي كبير خلال النصف الثاني، وأصبح الاقتصاديون يتكلّمون عن ركود من نوع (V) وهو الركود الاقتصادي الذي يحصل فيه انخفاض شديد في الناتج المحلي الإجمالي، يتبعه ارتفاع قوي وكبير في الأداء الاقتصادي، ليعود الاقتصاد للتعافي بشكل سريع.

لكن تبقى التساؤلات حالياً حول التوتّرات السياسية الأمريكية الداخلية والخارجية، ورغم أن المتداولون تجاهلوا كل تلك التوترات الداخلية في ظل أعمال الشغب التي حصلت، لكن ستتم أيضاً مراقبة التطور في العلاقات السياسية الامريكية الصينية في حال صدرت أي تصريحات من الإدارة الأمريكية أو الجانب الصيني بهذا الخصوص.

الذهب

انخفضت أسعار الذهب خلال الأسبوعين الماضيين، واستقرت الأسعار الأسبوع الماضي ما دون حاجز الـ1700 نقطة مع تفضيل المتداولين لأسواق العائد المرتفع بعدما صدرت بيانات اقتصادية إيجابية جداً من الولايات المتحدّة. وهذا الأسبوع، ربما تستمر الضغوط الهابطة على أسعار الذهب، وربما نرى الأسعار تتوجّه لمستويات 1660.00.

في حال استمرّت الثقة الكبيرة في الأسواق، أو في حال فضّل المتداولون شراء النقد لأي سبب من الأسباب، فربما نرى أسعار الذهب تنخفض أكثر نحو مستويات قد تصل إلى 1645.00 دولار.

بحسب التحليل الفني، فقط عودة التداول فوق 1715.00 ستكون قادرة على إعادة احتمالات الارتفاع لحظياً، وما لم يحصل ذلك، فربما نشهد انخفاضاً قبل أي موجة ارتفاع جديدة.

وسيكون قرار الفيدرالي الأمريكي هذا الأسبوع المحرّك الرئيسي لأسعار الذهب، إذ أن أسعار الذهب تتحرّك وتتأثّر بشكل كبير في توجهات البنوك المركزية في العالم.

النفط

من المرجّح لأسعار النفط أن تستمر بالارتفاع، فاتفاق منظّمة أوبك+ على تمديد فترة خفض الإنتاج، مع عودة الانفتاح الاقتصادي بشكل تدريجي، أسباب ربما ستكون دافعة للأسعار للصعود. وربما نرى أسعار النفط الأمريكي الخفيف تحاول الاستقرار فوق الـ40 دولار للبرميل الواحد، وفي حال نجحت بذلك، فربما نرى مزيداً من الارتفاع نحو مستويات قد تصل إلى 45 دولار.

ما يدعم فكرة الارتفاع في أسعار النفط هي الأنباء التي صدرت من الصين، وأشارت إلى ارتفاع واردات الصين من النفط الخام 19.2 % في مايو عنها قبل عام، لتصل إلى أعلى مستوى شهري لها على الإطلاق، مع تعافي الطلب على الوقود بقوة بعد تخفيف القيود المفروضة لوقف انتشار فيروس كورونا المستجد.

الدولار الأمريكي

على مدى الأسابيع الثلاث الماضية، انخفض الدولار الأمريكي مقابل العديد من العملات، وجاء ذلك بفعل توجّه المتداولين نحو الأصول مرتفعة العائد مثل أسواق الأسهم. وهذا الأسبوع، لا يجب استبعاد أن نرى تذبذب وربما تصحيحات صاعدة للدولار، لكن طالما توجّه المتداولون لأسواق الأسهم والعائد المرتفع، ربما يبقى أي ارتفاع محدود للدولار.

لكن يوم الأربعاء المقبل، سيتابع المتداولون توجّهات الفيدرالي الأمريكي المستقبلية، بعدما أظهرت البيانات انخفاض البطالة. ولو بدا الفيدرالي الأمريكي أكثر تفاؤلاً نحو مستقبل الاقتصاد، مشيراً إلى احتمال تقليص خطط التحفيز، فربما يرتفع الدولار. لكن الأرجح أن الفيدرالي الأمريكي سيشير إلى أنه سيستمر في التحفيز الاقتصادي، مما قد يبقي الدولار في تذبذب ضمن مستوياته المنخفضة نسبياً.

لكن في حال أظهر الفيدرالي توقعات أكثر سلبية للاقتصاد، وأنه سيقدّم المزيد من التحفيز ويستمر بذلك، فربما نشهد انخفاضاً في الدولار الأمريكي.

مؤشرات الأسهم الأمريكية

ثقة المتداولين وتوقعات عودة النمو الاقتصادي القوي خلال النصف الثاني من هذه السنة هو الشيء المحفّز الأساسي لارتفاع مؤشرات الأسهم الأمريكية. لذلك، طالما بقيت توقعات المتداولين بأن يتعافى الاقتصاد العالمي خلال النصف الثاني، فمؤشرات الأسهم الأمريكية وغيرها من مؤشرات الأسهم حول العالم ستستمر بالاتجاه الصاعد الإجمالي.

لكن، يجب أن نعلم بأن التذبذب وربما بعض عمليات جني الأرباح بين الحين والآخر سيكون مرتبط في البيانات الاقتصادية هذا الأسبوع، إلى جانب قرار الفيدرالي الأمريكي ومحضر الاجتماع يوم الأربعاء المقبل.

الأوسمة:

يمكن للاسعار أعلاه ان تكون متأخرة بخمسة ثواني و تخضع لشروط و أحكام الموقع. الأسعار أعلاه إرشادية فقط