هل اقترب ضوء نهاية النفق أم أن اليابان لا يزال أمامها طريقًا طويلًا؟!

26 مايو 2021 05:00 م

قامت الحكومة اليابانية في تقريرٍ لها صدر اليوم بتخفيض تقييم الاقتصاد لأول مرة منذ ثلاثة أشهر في ظل انخفاض الاستهلاك وسط استمرار لحالة الطوارئ نتيجة جائحة فيروس كورونا، ووصف التقرير أن الاقتصاد قد أظهر "مزيدًا" من الضعف في بعض المكونات وأن الوضع لا يزال صعبًا، ورغم ذلك أشار لوجود أدلة بأن الاقتصاد مستمر في اكتساب الزخم للتعافي. في الشهر الماضي كان التقرير قد أشار لحالة الضعف تلك إلا أنه لم يستخدم كلمة "مزيد".

وأظهر الاستهلاك حالة من الضعف مؤخرًا في ظل المطالبة ببقاء الناس في منازلهم وعملية الإغلاق للمطاعم وغيرها، وذلك بعد فرض حالة الطوارئ الثالثة منذ آواخر أبريل وسط موجة رابعة من الإصابات، وكان من المقرر أن تنتهي حالة الطوارئ الثالثة في 11 مايو، إلا أن الحكومة قامت بتمديدها حتى نهاية شهر مايو، ووسعت المناطق التي تخضع للإجراءات التقييدية، ولا تزال الأمور غير واضحة بشأن ما إذا سيتم أنهاء حالة الطوارئ أو تمديدها حتى يونيو.

وبالنظر إلى المستقبل، قالت الحكومة إنه من المتوقع أن يستمر الاقتصاد في الانتعاش لكنها حذرت من أنه "ينبغي إيلاء الاهتمام الكامل" لزيادة أخرى في مخاطر الهبوط بسبب انتشار العدوى بالفيروس في اليابان وخارجها.

وكان الاقتصاد الياباني قد انكمش أكثر من المتوقع في الربع الأول حيث أثر بطء طرح اللقاح وعدوى فيروس كورونا الجديد على الإنفاق، مما أثار مخاوف من أن البلاد ستتخلف عن الاقتصادات الأخرى التي خرجت من الوباء، كما انخفض الإنفاق الرأسمالي بشكل غير متوقع وتباطأ نمو الصادرات بشكل حاد، في إشارة إلى أن ثالث أكبر اقتصاد في العالم يكافح من أجل الخروج من حالة الركود.

وفي ظل تلك القراءة السلبية وامتداد قيود الإغلاق، تُشير توقعات الأسواق لزيادة خطر الانكماش مرة أخرى خلال الربع الثاني من 2021 والعودة للركود، وهو ما يُعرف بربعين متتالين من الانكماش. وأظهر البيانات انكماش الاقتصاد بنسبة 5.1% على أساس سنوي في الربع الأول مدفوعًا بانخفاض الاستهلاك الخاص، وذلك في أعقاب نمو الاقتصاد الياباني بنسبة 11.6% في الربع الأخير من عام 2020.

وانخفضت أسعار المستهلكين الأساسية في اليابان للشهر الثامن على التوالي في مارس، مما يبقي البنك المركزي تحت الضغط للحفاظ على برنامج التحفيز الهائل لزيادة التضخم، حيث أظهرت البيانات الأسبوع الماضي أن مؤشر أسعار المستهلك الأساسي على مستوى البلاد، والذي يشمل المنتجات النفطية لكنه يستبعد أسعار المواد الغذائية الطازجة المتقلبة، انخفض بنسبة 0.1٪ في مارس مقارنة بالعام السابق، وتباطأت وتيرة الانخفاض من 0.4٪ في فبراير بسبب انتعاش تكاليف البنزين، حيث أدت الآمال في انتعاش اقتصادي عالمي قوي إلى ارتفاع أسعار النفط الخام في الأشهر الأخيرة.

ومع استمرار انخفاض الأسعار، تُقاوم اليابان الاتجاه العالمي المتمثل في ارتفاع التضخم، مما يدفعها بعيدًا عن مسار الاقتصادات الكبرى الأخرى، ويُزيد من إضعاف الين الياباني، في الوقت الذي ارتفع فيه التضخم في الولايات المتحدة إلى 4.2% في أبريل وهو أعلى مستوياته في 12 عامًا.

ومع توخي الشركات في اليابان الحذر الشديد بشأن تمرير تكاليف المرتفعة إلى عملائها، من المقرر أن تستمر الفجوة في تحركات الأسعار في الوقت الحالي - وهي نتيجة يمكن أن تساعد في نهاية المطاف الاقتصاد الذي يتأرجح على حافة الركود المزدوج، من خلال جعل عملته أضعف.

ومع نمو الأسعار حتى الآن بعيدًا عن هدفه البالغ 2٪، سيحتاج بنك اليابان إلى الحفاظ على استمرار التحفيز لفترة أطول - على عكس الولايات المتحدة حيث يتحدث بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بالفعل عن انفتاحهم في المستقبل لمناقشة التقليص التدريجي للتحفيز.

حتى إذا كان الاحتياطي الفيدرالي لا يزال بعيدًا عن التراجع عن إجراءاته، كما أشار جيروم باول، فإن الانطباع بوجود اختلاف في السياسة في نهاية المطاف قد يكون كافيًا لإضعاف الين أكثر، وهذه نتيجة من شأنها أن تساعد أكبر مُصدري اليابان. ولا يُفيد ضعف الين جميع العاملين في الاقتصاد بشكل مباشر، وخاصة المستوردين، ولكنه أحد أهم العوامل التي ساعدت في تحسين أداء الشركات وتحفيز التوسع الاقتصادي في السنوات الأخيرة.

ووفقًا لأحدث توقعات بنك اليابان للتضخم، فإن البنك يراه بعيدًا عن الهدف حتى نهاية عام 2023، على الرغم من 8 سنوات من التحفيز الهائل.

الأوسمة:

يمكن للاسعار أعلاه ان تكون متأخرة بخمسة ثواني و تخضع لشروط و أحكام الموقع. الأسعار أعلاه إرشادية فقط